سورة يونس - تفسير تفسير ابن الجوزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (يونس)


        


قوله تعالى: {ويقولون} يعني المشركين {لولا} أي: هلاَّ {أنزل عليه آية من ربه} مثل العصا واليد وآيات الأنبياء. {فقل إِنما الغيب لله} فيه قولان. أحدهما: أن سؤالكم: لِمَ لم تنزل الآية؟ غيب، ولا يعلم علَّة امتناعها إِلا الله.
والثاني: أن نزول الآية متى يكون؟ غيب، ولا يعلمه إِلا الله.
قوله تعالى: {فانتظروا} فيه قولان: أحدهما: انتظروا نزول الآية. والثاني: قضاء الله بيننا بإظهار المحقّ على المبطل.


قوله تعالى: {وإِذا أذقنا الناس رحمة} سبب نزولها أن النبي صلى الله عليه وسلم لما دعا على أهل مكة بالجدب فقحطوا سبع سنين، أتاه أبو سفيان، فقال: ادع لنا بالخصب، فإن أخصبنا صدَّقناك، فدعا لهم، فسُقوا ولم يؤمنوا، ذكره الماوردي. قال المفسرون: المراد بالناس هاهنا: الكفار. وفي المراد بالرحمة والضراء ثلاثة أقوال:
أحدها: أن الرحمة: العافية والسرور، والضراء: الفقر والبلاء، قاله ابن عباس.
والثاني: الرحمة: الإِسلام، والضراء: الكفر، وهذا في حق المنافقين، قاله الحسن.
والثالث: الرحمة: الخصب، والضراء: الجدب، قاله الضحاك.
وفي المراد بالمكر هاهنا أربعة أقوال:
أحدها: أنه الاستهزاء والتكذيب، قاله مجاهد، ومقاتل.
والثاني: أنه الجحود والرد، قاله أبو عبيدة.
والثالث: أنه إِضافة النعم إِلى غير الله، فيقولون: سُقينا بنوء كذا، قاله مقاتل بن حيان.
والرابع: أن المكر: النفاق، لأنه إِظهار الإِيمان وإِبطان الكفر، ذكره الماوردي.
قوله تعالى: {قل الله أسرع مكراً} أي: جزاءً على المكر. {إنَّ رسلنا} يعني الحفظة {يكتبون ما تمكرون} أي: يحفظون ذلك لمجازاتكم عليه. وقرأ يعقوب إِلا رويساً وأبا حاتم، وأبان عن عاصم: {يمكرون} بالياء.


قوله تعالى: {هو الذي يسيِّركم} أي: الله الذي هو أسرع مكراً، هو الذي يسيِّركم {في البرِّ} على الدواب، وفي البحر على السفن، فلو شاء انتقم منكم في البر أو في البحر. وقرأ ابن عامر، وأبو جعفر: {ينشركم} بالنون والشين من النشر، وهو في المعنى مثل قوله: {وبثَّ منهما رجالاً كثيراً} [النساء: 2]. والفلك: السفن. قال الفراء: الفلك تذكّر وتؤنث، وتكون واحدة وتكون جمعاً، قال تعالى هاهنا: {جاءتها} فأنَّثَ، وقال في [يس: 41] {في الفلك المشحون} فذكّر.
قوله تعالى: {وجرين بهم} عاد بعد المخاطبة لهم إِلى الإِخبار عنهم. قال الزجاج: كل من أقام الغائب مقام مَن يخاطبه جاز أن يردَّه إِلى الغائب، قال الشاعر:
شَطَّتْ مَزارُ العاشقين فأصبحتْ *** عَسِراً علي طلابُكِ ابنةَ مَخْرَمِ
قوله تعالى: {بريح طيبة} أي: ليِّنةٍ. {وفرحوا بها} للينها. {جاءتها} يعني الفلك. قال الفراء: وإِن شئتَ جعلتَها للريح، كأنك قلت: جاءت الريحَ الطيبةَ ريحٌ عاصف، والعرب تقول: عاصف وعاصفة، وقد عصفت الريح وأعصفت، والألف لغة لبني أسد. قال ابن عباس: الريح العاصف: الشديدة. قال الزجاج: يقال: عصفت الريح، فهي عاصف وعاصفة، وأعصفت، فهي معصف ومعصفة. {وجاءهم الموج من كل مكان} أي: من كل أمكنة الموج.
قوله تعالى: {وظنوا} فيه قولان: أحدهما: أنه بمعنى اليقين. والثاني: أنه التوهُّم. وفي قوله: {أحيط بهم} قولان:
أحدهما: دَنوا من الهلكة. قال ابن قتيبة: وأصل هذا أن العدوَّ إِذا أحاط ببلد، فقد دنا أهله من الهلكة. وقال الزجاج: يقال لكل من وقع في بلاء: قد أحيط بفلان، أي: أحاط به البلاء.
والثاني: أحاطت بهم الملائكة، ذكره الزجاج.
قوله تعالى: {دَعَوُا اللهَ مخلصين له الدِّين} دون أوثانهم. قال ابن عباس: تركوا الشرك، وأخلصوا لله الربوبية، وقالوا: {لئن أنجيتنا من هذه} الريح العاصف {لنكونن من الشاكرين} أي: الموحِّدين.
قوله تعالى: {يبغون في الأرض} البغي: الترامي في الفساد. قال الأصمعي: يقال: بغى الجرح: إِذا ترامى إِلى فساد. قال ابن عباس: يبغون في الأرض بالدعاء إِلى عبادة غير الله والعمل بالمعاصي والفساد.
{يا أيها الناس} يعني أهل مكة. {إِنما بغيكم على أنفسكم} أي: جناية مظالمكم بينكم على أنفسكم. وقال الزجاج: عملكم بالظلم عليكم يرجع.
قوله تعالى: {متاع الحياة الدنيا} قرأ ابن عباس، وأبو رزين، وأبو عبد الرحمن السلمي، والحسن، وحفص، وأبان عن عاصم: {متاعَ الحياة الدنيا} بنصب المتاع. قال الزجاج: مَن رفع المتاع، فالمعنى أن ما تنالونه بهذا البغي إِنما تنتفعون به في الدنيا، ومن نصب المتاع، فعلى المصدر. فالمعنى: تمتَّعون متاع الحياة الدنيا. وقرأ أبو المتوكل، واليزيدي في اختياره، وهارون العتكي عن عاصم: {متاعِ الحياة} بكسر العين. قال ابن عباس: {متاع الحياة الدنيا} أي: منفعة في الدنيا.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8